مستقبل تعليم القانون في مصر

مستقبل تعليم القانون في مصر

إن المتتبع لتاريخ تعليم القانون في مصر سيدرك أن تعليم القانون في مصر قد بدأ في نهاية القرن التاسع عشر حينما أنشئت مدرسة القانون الخديوية و التي تمخضت عن كلية الألسن و الإدارة التي أنشاءها رفاعة الطهطاوي في نهاية القرن التاسع عشر عقب عودته من البعثة الدراسية في فرنسا التي أوفده إليها محمد علي (ملك مصر آنذاك ) و قد بدأت مدرسة القانون الخديوية في تدريس القانون للطلبة المصرية على أيدي أساتذة من رجال القانون الأوروبيين حيثُ كانت المناهج و الكتب الدراسية تضاهي نظيراتها من الكتب و المناهج الدراسية الموجودة في كليات القانون الأوروبية و كانت طرق التدريس تتواكب مع طرق التدريس الموجودة في كليات القانون الأوروبية كذلك ، و قد كان أول عميد لمدرسة القانون في مصر هو العميد فيدال باشا و هو أستاذ قانون فرنسي، وقد تتلمذ على يد هذا الرعيل الأول نخبة من رجال القانون المصريين أمثال السنهوري باشا و سعد زغلول باشا و مكرم عبيد و مصطفى كامل باشا ، و هو ما ساهم في رفعة المجتمع القانوني في مصر آنذاك ، فقد ساهمت مدرسة القانون في تزويد المجتمع القانوني بخريجين على مستوى تعليمي لائق للعمل في المجتمع القانوني أنذاك .

لكن المتتبع للتطورات التي طالت تاريخ تعليم القانون في مصر يجد أن في العقود الأخيرة لم يحدث تطوراً ملموساً يجعل تعليم القانون في مصر يضاهي تعليم القانون في الدول الغربية ، ذلك أن طرق و مناهج تدريس القانون في العالم بصفة عامة ، وفي الدول الغربية بصفة خاصة قد طالها الكثير من التغيير و التطوير و الذي لم يتم نقله إلى تعليم القانون في مصر ، فقد ظهرت العديد من النظريات الجديدة و تطورت الكثير من الموضوعات القانونية تطوراً كبيراً ، كما أن التكنولوجيا قد باتت جزءاً لا يتجزء من العملية التعليمية في كافة كليات القانون في العالم المتقدم ، و هو ما بات معه لزاماً علينا أن ننهض لتطوير تعليم القانون في مصر حتى نلحق بركب التطور الحاصل في كليات القانون في دول العالم المتقدم، و الذي من شأنه أن ينهض بالمجتمع القانوني . 

التعليم القانوني في العالم

شهد التعليم القانوني في العالم تطورات هائلة خلال المئة عام المنصرمة المااضية ، و كان أهم هذه التطورات التحول الكبير الذي قدمه أستاذ القانون الأمريكي " كريستوفر كولومبوس لينجدل " في عام 1890 و ذلك حينما وضع نظريته Case Study method"  " و هي النظرية التي تهتم بالدراسة التطبيقية للنظريات القانونية كوسيلة لإثبات صحة النظرية من عدمه و قد كان لهذا التحول الهام أثر كبير على دراسة القانون في كلية القانون في جامعة هارفارد و التي كانت يدرس بها كريتستوفر لينجدل و قد انتشر هذا الأسلوب في كافة كليات القانون بالولايات المتحدة الأمريكية و كانت تلك النقطة هي بداية ما يعرف بالعصر الحديث لتعليم القانون في الولايات المتحدة الأمريكية .[1]

و قد مثل هذا التحول نقطة هامة في تحول تعليم القانون من المدرسة الكلاسيكية لتعليم القانون إلى المدرسة التطبيقية التي تعتمد على فكرة التطبيق كمعيار لتقييم النظرية القانونية و لاحقاً انتقلت تلك النظرية إلى الكثير من كليات القانون في الولايات المتحدة الأمريكية و قد أدى ذلك إلى تطور العلوم القانونية في الولايات المتحدة الأمريكية تطوراً كبيراً كما كان لذلك بالغ الأثر على طرق و مناهج التدريس في تلك الكليات و يمكن أن يعتبر ذلك واحداً من أهم الأسباب التاريخية لتقدم كليات القانون في الولايات المتحدة الأمريكية على نظيراتها من كليات القانون في العالم .

و قد كانت غالبية مدارس القانون قبل بزوغ نظرية " لينجدل " تأخذ المذهب السقراطي في تدريس وفهم مواد القانون .

و يمكن فهم نظرية كريستوفر كولومبس لينجدل " the case study method " على النحو التالي " أنها تعتبر بمثابة تطوير الأسلوب تعليم القانون من خلال تطوير اللغة القانونية و المناهج حيث يمكن تطبيق النظرية في الواقع العملي لإثبات صحة النظرية على غرار الطريقة التي أسسها البروفيسور " إيليوت " في تدريس المناهج في كلية الطب ، حيث أعتمد أسلوب الدراسة المعملية التي تعتمد أسلوب المحاكاة للواقع العملي من خلال تدريب الطلبة على التعرف و التعامل مع أجساد المرضى و ليس فقط على الكتب التي تتضمن الطبية. [2]

و في نفس العام الذي تم عرض نظرية " case study method " في كلية القانون جامعة هارفارد ، أسس رئيس الجامعة " إيليوت" لنظريته في التعليم الطبي في ذات الجامعة .

و تعتبر تلك الفترة هي بمثابة التأسيس للبيداغوجية الحديثة حيث نقلت هذه النظريات علم التربية من المنهج القديم " البيداغوجية القديمة" و التي تعود إلى الأصل اليوناني " السقراطية " إلى البيداغوجية الحديثة القائمة على المحاكاة و التطبيق ، و التفكير النقدي و المحاجاة المنطقية .

و قد شهدت كليات الحقوق في المجتمعات الغربية تطورات كثيرة و هائلة خلال المئة عام الماضية ، متأثرة بالتطورات الإجتماعية و الثقافية و السياسية التي شهدتها تلك المجتمعات ، بداية من الأحداث السياسية الكبيرة كالحرب العالمية الأولى و الثانية مروراً بظهور الكثير من المفكرين و الفلاسفة الذين وضعوا الكثير من النظريات القانونية .

و مع بداية القرن الواحد و العشرين و بزوغ عصر التكنولوجيا و العولمة فيما اصطلح على تسميته بعصر العولمة ، حدثت كذلك تحولات كبيرة في طرق و مناهج التدريس في كليات الحقوق ، صاحبت هذا التدفق الهائل لإستخدام التكنولوجيا في قطاع التعليم بوجه عام و التعليم العالي بوجه خاص .

ففي محاضرة للبروفيسور " ديفيد كيندي " في جامعة كيو بطوكيو في اليابان ، أوضح أنه لا جدال عن أن العمل القانوني و دراسة القانون قد تغيرت بشكل كبير بفعل العولمة و التكنولوجيا و هو ما يحتاج إلى إعادة النظر في كيفية تدريس القانون في كليات القانون لكي يتماشى مع تلك التحولات الحادثة بفعل العولمة ، و ياتي ذلك مع بزوغ مصطلح تدويل " internationalization " و كذلك مصطلح العولمة " Globalization " و الربط بين التحولات الإجتماعية و السياسية و التكنولوجية و الإقتصادية الحادثة في العالم و بين طرق التدريس في كليات القانون ، و قد طرح تساؤلاً هاماً حول شكل تطوير أو الإصلاح الذي تحتاجه كليات القانون في العالم ، كما أوضح التحديات و المعوقات التي تواجه التعليم القانوني في عصر العولمة ، ومن بينها المنهج الدراسي و طرق البحث و التدريس و إستخدام التكنولوجيا, و محاولة إعادة فهم القانون من منظورٍ دولي و ليس فقط من منظورٍ محلي ، و متابعة التطورات الحادثة في نظريات القانون و أليات تطبيقها .

و في مقالة أخرى لبروفيسور " سيمون شيسترمانج " أشار إلى أن شهادة ليسانس القانون يجب أن تكون بمثابة تعبير عن كفاءة تقنية لإمتلاك أدوات القانون فيما بات بعرف بعصر العولمة . و قد أشار إلى التحولات الكبيرة التي حدثت و مازالت تحدث في مجال تعليم القانون في العالم ، كواحدة من أهم النتائج لظاهرة العولمة .[3]

و في كتاب أصدره مجموعة من أساتذة القانون في جامعات كاليفورنيا و واشنطن و سياتيل و نيو يورك ، تحت عنوان " التعليم القانوني في العصر الرقمي " أوضحوا أهمية مجموعة من النقاط الهامة لتحول كليات القانون في العصر الرقمي و هي [4] :-

1-   التحول الرقمي داخل كليات الحقوق كوسيلة لعرض مواد القانون من خلال المواقع الإلكترونية .

2-   المصادر المفتوحة كوسيلة لإتاحة نوافذ للبحث القانوني .

3-   التحول إلى الأنشطة القانونية كوسيلة للتدريب و المحاكاة .

4-   التحول إلى المكتبة الرقمية بدلاً من المكتبة التقليدية .

في بحثٍ قانوني للبروفيسور " ndulo " بكلية الحقوق جامعة كورنال بالولايات المتحدة الأمريكية[5] تحت عنوان " التعليم القانوني في عصر العولمة و تحديات التنمية " استعرضت فيه التحديات التي تواجه كليات القانون في أفريقيا في عصر العولمة ، و قد أشارت في بحثها التحديان الرئيسيان اللذين يواجهان التعليم القانوني في عصر العولمة و هما :-

1-   مدى الإستجابة للتحول البرجماتي في ممارسة القانون في ظل الثورة التكنولوجية .

2-   العولمة الحادثة في مجال الإقتصاد و النمو المتسارع في الإحتياجات المتعلقة بالخدمات و الأعمال القانونية .

و قد قالت نقلاً عن البروفيسور " Lutz " أن الدول سيقاس فيها تطوير التعليم القانوني بمدى الإستجابة الحادثة في تطوير موضوعات و مناهج التدريس و بالإشارة إلى النقطتين السابقتين .[6]

و لقد أشارت في بحثها إلى التعليم التقليدي الذي كان متبعاً فيما قبل عصر العولمة و الذي أصبح لا يتماشى مع المعطيات الحادثة في العالم من تأثيرات لعصر العولمة و على رأسها التكنولوجية و قد انتهت في بحثها إلى أن كليات القانون في إفريقيا تحتاج إلى أن تتحول إلى نظام جديد يعتمد على عنصرين أساسيين :-

1-   التحول من مناهج القانون ذات الطابع المحلي إلى مناهج القانون المقارن ذات الطابع الدولي .

2-   التحول من التعليم التلقيني إلى التعليم التدريبي الذي يعتمد على إكساب الطلبة المهارات القانونية للتعامل مع معطيات العصر و على رأسها إستقدام التكنولوجيا في البحث و العمل القانوني .

 

التحديات التي تواجه تطوير تعليم القانون في مصر 

شكلت الأعداد المتزايدة للخريجين من كليات الحقوق في مصر آثاراً سلبية علي واقع التعليم القانوني في مصر ، فبالإضافة لغياب الرؤية المستقبلية و غياب آليات تطوير التعليم بما يتماشي مع المتغيرات الحادثة في مجال التعليم القانوني في العالم ، كان لهذه المعطيات أكبر الأثر علي جودة العمل القانوني في مصر في الفترة الحالية ، فبعد أن كانت كليات الحقوق في السابق في – في النصف الأول من القرن العشرين – تتميز بكفاءة الخريجين الملحوظة و التي تخرج منها كثير من الشخصيات البارزة التي أثرت الحياة القانونية و السياسية بل و الأدبية في مصر أمثال السنهوري و توفيق الحكيم و مصطفي كامل و سعد زغلول و مكرم عبيد و غيرهم الكثيرين ، فقد بات من الملحوظ تراجع مستوي اللغة العربية لدي الخريجين بل و تراجع المستوي القانوني أيضاً.

و من ناحية أخري فإن المتابع للتطورات الحادثة في التعليم القانوني في كليات القانون في دول أوروبا الغربية و الولايات المتحدة و كندا و إستراليا يجد أن هناك تطوراً هائلاً في أساليب و مناهج البحث العلمي و آلياته أصبح معه من غير المتصور ألا نحاول إلقاء الضوء علي تلك التطورات و محاولة نقل تلك التجارب من أجل الوصول لتعليم قانوني عصري يتماشي مع معطيات العصر ، في عصر بات يعرف بعصر العولمة .

ﻻبد ﺃﻥ نحدد ﺭسالة و ﻏﺎيات ﻭﺃهداف مؤسسات ﺍﻟﺘﻌﻠﻴﻡ القانوني بشكل ﻋﺎﻡ،

بأن نحدد الغايات المستقبلية و الأهداف المرحلية و الإستراتيجية لنظام التعليم القانوني في مصر ؛ ما هي المخرجات التي نريدها ؟ هل يجب أن نركز علي تزويد المتخرجين بالمعلومات و المهارات أم بكلاهما ؟ هل يتعين أن نركز علي إكساب المتخرجين المهارات اللازمة للتعامل مع معطيات العصر التكنولوجية و بما يمكنهم من إستخدامها في عملهم القانوني مستقبلاً .

و في إطار هذه الرسالة و الغايات و الأهداف يمكن أن يتبلور الدور الأساسي للإعداد في مؤسسات التعليم العالي و هو التركيز علي التفكير التحليلي الإبداعي لتحويل المعلومات إلي معرفة يمكن الإستفادة منها مستقبلاً في الواقع العملي .

 

إن التحديات التي تواجه تطوير تعليم القانون في مصر تحتاج إلى خطة شاملة أو إطار جامع يجمع كافة أطراف تعليم القانون سواء أكانوا أساتذة القانون أو عمداء الكليات أو كانوا رجال القانون المشتغلين بالمحاماة أو القضاء .

و سنحاول إيجاز التحديات التي تواجه تعليم القانون في مصر على النحو التالي :-

أولاً : غياب دراسة منهج فلسفة القانون عن تعليم القانون في مصر .

كانت مادة فلسفة القانون جزءاً رئيسياً من دراسة تعليم القانون في مصر منذ إنشاء كلية الحقوق ، و لكن مع مرور الوقت لم تعد مادة فلسفة القانون تتمتع بذات الأهمية التي كانت تتمتع بها في الماضي وهو ما كان له الأثر على مستوى تعليم القانون بصفة عامة ، وذلك لأن دراسة فلسفة القانون تؤدي إلى ترسيخ الفهم الصحيح لنظريات و مبادئ القانون و نشأته ، و تخلق رجال قانون ، لديهم القدرة على التحليل المنطقي و على فهم نصوص القانون و فلسفته .

ثانياً : غياب التدريب على المهارات القانونية

لاشك أيضاَ أن غياب التدريب علي المهارات القانونية المختلفة كالكتابة القانونية و مهارة البحث القانوني تعد من أهم التحديات التي تواجه كليات القانون ، ففي ظل غياب ذلك التدريب يصبح طالب القانون غير مؤهلاً تأهيلاً قانونياً كافياً لممارسة العمل القانوني في الواقع العملي في عالم متغير .

ثالثاً : الحاجة إلى تطوير طرق و مناهج التدريس .

تشكلت مناهج القانون مع نهاية القرن التاسع عشر علي يد الرعيل الأول من أساتذة القانون و باتت تنتقل من جيل إلي جيل ، بيد أنه رغم أن تلك المناهج كانت و مازالت تضم الكثير من النظريات القانونية الهامة إلا أنها أحيانا ما تكون بعيدة عن التطورات الهائلة الحادثة في مجال القانون في العالم ، كبزوغ نظريات جديدة أو موضوعات جديدة في مجال القانون.

أما بالنسبة لطرق التدريس فقد إعتمدت مناهج التدريس الأسلوب التلقيني لوقت طويل ، و هو ما بات لا يتناسب و طبيعة العصر ، فقد كان الفضل للبروفيسور " كريستوفر كولومبوس لينج ديل " في التحول من طرق التدريس التقليدية إلي طرق التدريس التطبيقية التي تعتمد أسلوب المحاكاة و التطبيق.

رابعاً : الحاجة إلى تطوير التعليم القانوني المستمر .

التعليم القانوني المستمر هو التعليم الذي يتم تقديمه للخريجين لضمان حصولهم علي المستجدات في مجال القانون ، و لاشك أننا نحتاج للإهتمام بذلك بشكل كبير لنقل موضوعات القانون الجديدة لأجيال تمارس القانون في الواقع العملي .

خامساً : الحاجة إلى إعتماد معايير الجودة و الإحتراف للممارسة القانونية

كثير من دول العالم إعتمدت معايير للجودة في كليات القانون ، كان ذلك مصاحباً للإهتمام بتطوير التعليم العالي و كذلك لظهور الحاجة لتقييم تلك الكليات ليس علي المستوي المحلي فقط ، بل علي المستوي الدولي أيضاً .

ويمكن إجمال إشكاليات تعليم القانون في انخفاض او تراجع جودة التعليم ، و تراجع دور مؤسسات تعليم القانون في وضع أسس و تطويره و نقل النظريات الحديثة في مجال القانون و استخدام التكنولوجيا في العملية التعليمية و تطوير طرق و مناهج التدريس في كليات الحقوق ، و تطوير معايير إلتحاق الطلبة بالكلية و كذا معايير التقييم و غياب التدريب العملي المصاحب للتعليم النظري داخل كليات القانون ، و سوف نعرض لذلك تفصيلاً على النحو التالي .

أولاً تراجع جودة تعليم القانون :-

سبق أن أشرنا في المبحث الأول لتاريخ تعليم القانون في مصر والذي يتضح منه أن عدد الطلبة الملتحقين أو المقبولين في كليات الحقوق في بداية عهدها ، أن عدد طلاب الحقوق في مصر يتناسب بشكل كبير مع عدد أعضاء هيئة التدريس و القدرة الإستيعابية للكلية بما يعطي مجالاً لتطبيق معايير جودة التعليم ، و مع الإزدياد الهائل في عدد الطلاب الملتحقين في كليات الحقوق على مدار السنوات الأخيرة فقد بات من الملاحظ تراجع جودة التعليم تأثراً بهذا العدد الهئل من الطلبة حيث أصبح العدد أكبر من الطاقة الإستيعابية للكليات و لا يتناسب مع عدد أعضاء هيئة التدريس .

ثانياً عدم تطبيق طرق و مناهج التدريس الحديثة :-

شهد تعليم القانون في العالم تحولاً كبيراً في طرق و مناهج التدريس ، و كانت اللحظة الفارقة هي التحول من التعليم التلقيني و النظري إلى التعليم التطبيقي ، من خلال دراسة القضايا التطبيقية و الإشكاليات ، ومحاولة حلها ، عوضاً عن طرق التعليم التقليدية ، فأصبح الإهتمام بالأنشطة القانونية و تطوير المهارات القانونية للطلبة يحتل مكانة كبيرة في مناهج التدريس في كليات القانون ، كما أن طرق التدريس قد أصابها قدر كبير من التطور ، حيث أصبح السائد هو التعليم التفاعلي ، كما أصبح أساتذة القانون يستخدمون أدوات التكنولوجيا الحديثة في إلقاء المحاضرات و إستخدام الوسائط المتعددة .

 

ثالثاً غياب إستخدام التكنولوجيا في تعليم القانون :-

لاشك أن العصر الذي نعيش فيه هو عصر ثورة التكنولوجيا بإمتياز ، فقد باتت التكنولوجيا جزء لا يتجزء من حياتنا اليومية ، فالمتابع لكل التطورات الحادثة قي كافة مجالات الحياة لا يكاد يجد أمراً إلا و باتت التكنولوجيا تلعب فيه دوراً رئيسياً .

و في مجال القانون ، فقد تدفقت العديد من مظاهر التكنولوجيا إلي التعليم و الممارسة القانونية علي حدٍ سواء .

ففي مجال التعليم ، أصبح إستخدام التكنولوجيا في مجال البحث القانوني جزء لا يتجزء من حياة طالب القانون في كثير من دول العالم .

فقد أتاحت المكتبات الإلكترونية المنتشرة علي مواقع الجامعات و المواقع القانونية لكثير من طلاب القانون الإستفادة من الكتب و المراجع و المقالات القانونية .

و من هنا فقد أصبح لزاماً علي طالب القانون أن يتعلم مهارات البحث القانوني بصفة عامة و مهارات البحث الإلكتروني بصفة خاصة .

كما أنه إذا كانت الكتابة اليدوية للمحاضرات ، كانت جزءاً لصيقاً من حياة طالب القانوني فقد أصبحت الآن الحاسبات المحمولة منتشرة و يستطيع طالب القانون أن يكتب أبحاثه و محاضراته عليها و بما يسهل معه إسترجاعها و تعديلها في أي وقت .

إن إمتلاك طالب القانون لهذه المهارات لاشك ستكون عوناً له علي تطوير ثقافته القانونية ، كما أنها لاشك ستكون عونا ً له حينما ينطلق للحياة العملية. 

و من ثم فعلي طالب القانون أن يطور من مهارات إستخدام التكنولوجيا ، فالحصول علي دورات تدريبية حتي و إن كانت عبر الإنترنت في مجال الحاسب الآلي ، تعد خطوة هامة لتطوير مهارات البحث القانوني و الكتابة بإستخدام التكنولوجيا .

ففي كافة كليات القانون حول العالم باتت التكنولوجيا جزءاَ رئيسياً من أدوات التعليم و بات طلبة القانون يحملون معهم حواسبهم المحمولة و الذكية و يستخدمونها في كتابة محاضراتهم و كذا في البحث القانوني من خلال المواقع الإلكترونية .

فإذا كنا نريد لطلبة كليات الحقوق في مصر أن يكونوا علي نفس المستوي لطلبة كليات القانون في العالم فلا مفر من أن يتم تدريبهم علي استخدام التكنولوجيا في التعليم و العمل القانوني .

 

رابعاً غياب التعليم القانوني المستمر :-

لاشك أن التعليم المستمر يعد عنصراً هاماً لربط خريج القانون بالتطورات الحادثة في الواقع العملي ، فهناك العديد من المستجدات و الظواهر القانونية التي تفرض نفسها كل يوم على الواقع العملي و التي تحتاج أن يكون هناك تعليمياً مستمراً يواكب هذه التطورات ، و يوفر لهم معرفةً قانونية تمكنهم من التعامل مع هذه المستجدات .

خامساً غياب التدريب العملي :-

يعتبر التدريب العملي المصاحب للتعليم النظري أمراً هاماً في رفع كفاءة طالب القانون و تدريبه على الواقع العملي  ، و قد أصبحت كثير من كليات القانون حول العالم تهتم بالتدريب العملي لطلبة القانون علي الكتابة القانونية و المرافعة و غيرها من المهارات اللازمة للعمل في المجال القانوني .


التوصيات الخاصة بتطوير تعليم القانون

1-   التحول من طرق التدريس التقليدية التي تعتمد على التلقين إلى طرق التدريس الحديثة التي تعتمد على تنمية المهارات الإبداعية من خلال ورش العمل التفاعلية و غيرها من طرق التعليم التفاعلية التي تعتمد على التفاعل بين الأستاذ و الطالب .


2-   زيادة الأنشطة التدريبية التي تهدف إلى تنمية المهارات القانونية للطلبة ، ككتابة الأبحاث القانونية ، و التدريب على فنون المرافعة و التحقيق و غير ذلك من المهارات اللازمة للواقع المهني القانوني .

 

3-   التنويع في طرق تقييم طلبة القانون و عدم الإعتماد على الإمتحان التحريري وحده كوسيلة للتقييم ، و إضافة التقييم القائم على كتابة الأبحاث ، وغيرها من المعايير العملية للتيقن من وصول الطالب إلى المستوى المنشود للحصول على شهادة الليسانس .

 

4-   إعتماد إستخدام التكنولوجيا الحديثة داخل كليات الحقوق أو القانون من خلال توفير الحاسبات الإلكترونية و المكتبات الإلكترونية التي تسهل على الطلبة البحث القانوني بطريقة عصرية .

 

5-   ضرورة توجيه الدعوى لمجموعة من أساتذة القانون في الجامعات في دول العالم المتقدم ، وذلك لمواكبة النظريات الحديثة في مجال القانون و فتح أفاق و منافذ لوصول كل ما هو جديد في مجال القانون ، و التشريعات و الأبحاث القانونية

 

6-   ضرورة تحول المكتبات الموجودة بكليات الحقوق إلى مكتبات إلكترونية تضم عدداً من الحواسب الألية المتصلة و أرشفة جميع الكتب الموجودة بكلية الحقوق و وضعها على تلك المكتبة الإلكترونية و ذلك لتسهيل البحث القانوني لطلبة كليات الحقوق ، و تيسير ولوج الطلبة إلى تلك المكتبة الإلكترونية من خلال حساب شخصي لكل طالب على الشبكة الداخلية للمكتبة .

 

7-   إعادة النظر في المواد التي يتم تدريسها في كلية الحقوق لتتماشى مع نظيراتها في كليات الحقوق في العالم المتقدم سواء من حيث الموضوعات التي طرأ عليها تطوراً كبيراً أو من حيث الموضوعات الجديدة المستحدثة التي تحتاج أن يتم تدريسها .

 

8-   توفير عدد منم المنح الدراسية للطلبة المتميزين في كليات القانون في دول العالم المتقدم ، سواء أكانت هذه المنح قصيرة الأجل أو طويلة الأجل .

 

9-   الإهتمام بتطوير قطاع الدراسات العليا سواء على مستوى درجة الماجستير و الدكتوراة بما يتماشى مع التطورات الكبيرة الحادثة ، و سواء من حيث معايير القبول أو في المنهجية البحثية لرسائل الماجستير و الدكتوراة لتصبح بذات المعايير الدولية المتبعة في دول العالم المتقدم .

 

10-              عقد شراكة بين كليات الحقوق في مصر و كليات الحقوق في دول العالم المتقدم ، سواء في مجال تدريب أعضاء هيئات التدريس أو حصولهم على الدرجات العلمية أو  توفير المنح الدراسية للطلاب المتميزين في كليات الحقوق .


Chase Anthonu. " the birth of the modern law school " American journal of legal history 1979

[2] M.Foucault, The birth of the clinic 1973

[3] Chesterman, Simon "the globalization of the legal education" 2008.new York university public law and legal theory working papers. Paper 86.

[4] Legal education in the digital age, Cambridge university press 2012 

[5] Muna Ndulo, legal education in an Era of globalization and the challenge of development 2014, Cornell law faculty’s publications.م مشص بشؤعمفغenge of development 2014 of globalisation النقطتين السابقتين . عصر العولمة و هما :-

مة و تحديات التنمية " في العصر

[6] Lutz, Robert E 2012 ' Reforming approaches to Educating Transitional Lawyers : Observations from America 61 (3) Journal of legal education 449.

 

 



لعرض أو إضافة تعليق، يُرجى تسجيل الدخول